تربية الأسماك
– اتجه الإنسان إلى التدخل في عملية تكاثر الأسماك عن طريقة تربية الأسماك. كما تدخل في تربية غيره من الكائنات النافعة فوق اليابس مثل تربية الحيوان والطيور.
– وذلك بخلق ظروف مناسبة تؤدي إلى مزيد من الإنتاج وإبعاد التأثيرات الضارة التي تحد من هذا الإنتاج. فقد لاحظ أنه هناك أموراً تقلل من هذا الإنتاج.
الأسباب التي تمنع تكاثر الأسماك
– إليك بعض الأسباب التي تؤدي إلى قلة تكاثر الأسماك في الطبيعة كما يلي:
(1) حركة القوارب البخارية وما تحدثه قوة محركاتها من تموجات شديدة تؤثر على بيض الأسماك. إذ إن ارتطام الأمواج على الشاطئ بقوة تعمل على سحب البيض الموضوع فوق النباتات أو الحصى التي على الشاطئ. فيسقط البيض على اليابس فيجف ويتلف أو ينجرف داخل الماء ويتعرض لافتراس الأسماك.
(2) إلقاء المصانع مخلفاتها في حياة الأنهار والبحار. وهي تحتوي على مواد كيماوية تؤدي إلى هلاك السمك بسبب تخمرها الذي يؤدي إلى اختناق السمك.
(3) تنظيف وتطهير الترع وتعميقها يؤدي إلى إبادة الكثير من الأسماك.
(4) ضعف منسوب المياه في الترع والأنهار بسبب ترشيد استغلال المياه بعد ظهور مشكله نقص المياه في كافة أنحاء العالم. وتعرض بعض الترع إلى الجفاف في بعض فترات العام مما أدي ذلك إلى هلاك كل ما بها من أسماك.
(5) إقبال الكثير الطيور المائية على صيد الأسماك إذ أنه غذاؤها في الوقت الذي تستهلك فيه هذه الطيور كميات هائلة من الأسماك فإنها تغطي أيضاً على اليرقات والبيض وصغار السمك.
(6) الكثير من الأسماك الكبيرة المفترسة مثل القرموط وثعبان السمك لها دور كبير في إبادة الكثير. ويشاركها في عملية افتراس الأسماك بعض الثدييات كالفئران والثعالب.
(7) إصابة الكثير من الأسماك ببعض الأمراض شأنها في ذلك كشأن سائر الكائنات الحية، حيث توجد بعض الطفيليات مثل البكتريا والديدان والقشريات وغيرها تصيب الأسماك وتسبب لها الأمراض
– هذه الأسباب وغيرها أدت إلى أن يفكر الإنسان في إعداد بيئة ذات ظروف مناسبة يتحكم فيها الإنسان من أجل أن تعيش فيه الأسماك مما يؤدي إلى زيادة إنتاجه، وهو ما يسمى تربية الأسماك.
تربية الأسماك لأول مرة في التاريخ
– أول من فكر في تربية الأسماك هو صياد فرنسي اسمه (ريمي) حيث توصل إلى ابتكار الأسلوب الذي انشر بعد ذلك في مجال تربية الأسماك طريقته في البداية في تربية الأسماك النهرية، ثم تم تعميها لتشمل أيضا الأسماك البحرية.
– قام ريمي بعمل دراسة للتعرف أولاً على وقت تناسل الأسماك.
– ثم يأخذ الأنثى ويضغط على بطنها بأصبع اليد فيخرج البيض منها، ويضعه في حوض التربية الخاص.
– ثم يأخذ الذكر فيضغط على بطنه بنفس الطريقة فينصب السائل المنوي على البيض فيتم إخصابه.
– وإذا ما فقس البيض فإن صغار السمك تنمو في مأمن من جميع الأخطار التي تتعرض لها.
– وكان ريمي حريصاً على أن يكون تيار الماء مستمراً من أجل توفر الأكسجين اللازم للبيض ثم للأجنة التي تفقس بعد ذلك.
– والمعروف أن الصغار الناشئة من فقس البيض يحمل كل منها كيساً معلقا ببطنه، به المواد الغذائية التي يتغذى عليها بعضاً من الوقت.
– فإذا نفذ ما في الكيس فإنها تتغذى على براغيث الماء وبعض الضفادع ويرقات الحشرات أو الدم المجفف.
– حتى إذا بلغت اليرقات حجما معيناً، وتصبح قادرة على حماية نفسها والهروب من أعدائها والتغلب على مواجهة ما قد يواجهها من متاعب يلقى بها في الماء في الأماكن التي يراد لها أن تعمر بالأسماك.
تاريخ انتشار تربية الأسماك في العالم
– لقد انتشرت هذه الطريقة في فرنسا في الأنهار أولاً ثم تم في البحار، حيث تم إنشاء العديد من المحطات لتربية الأسماك النهرية ثم إنشاء المحطات المخصصة في تربية الأسماك البحرية.
– انتقلت طريقة تربية الأسماك إلى الدول الأوربية وخاصة ذات المساحات الواسعة التي تطل على البحار.
– قد تمكنت النرويج بعد ذلك من التوسع في إقامة محطات التربية الضخمة. حيث كانت الواحدة قادرة على تربية نحو ثلاثمائة مليون من الزريعة بعد أن كانت خالية منه تماماً.
– كما قام بتعمير بحيرة قارون في الفيوم حيث نقل إليها في عام 1929 نحو عشرين ألف زريعة. وظل المشروع ينمو إلى أن وصل ما نقله إليها في عام 1935 أكثر من ربع مليون زريعة.
– كما قام بتعمير بحيرات ادكو ومريوط والمكس والمنزلة.، وقام بإدخال سمك المبروك إلى المياه المصرية حيث استعان في ذلك بمعهد الأحياء المائية بإندونيسيا.
– في عام 1930 تم إقامة معهد الأحياء المائية بالغردقة وهو تابع لجامعة القاهرة وصار له إسهامه في هذا المجال.
– وقد انتشرت المزارع السمكية في مصر في أواخر القرن العشرين. وصارت مجالاً هاماً من مجالات الاستثمار في الوقت الذي أسهم فيه بقدر كبير في دعم الثروة السمكية في مصر. وتوفير السمك كغذاء ضروري ليكون في متناول الجميع.
– وأيضاً من الدول التي تفوقت في مجال تربية الأسماك إنجلترا حيث تمكنت مزارع اسكتلندا من إنتاج زريعة بكميات هائلة، إذ بلغ معدل إنتاج مزارع إعداد الزريعة نحو 50 مليون زريعة في العام.
– وانتشرت تربية الأسماك في مختلف بقاع العالم حيث أن معظم دوله تطل على البحار فضلاً عن مرور الأنهار الكبرى وجريانها في قارات العالم ودوله.
– ولم يعد تربية الأسماك قاصراً على إنتاج الزريعة وإطلاقها في البحار والأنهار وإنما صار بعد ذلك بيئة مائية مستقلة عن البحار والأنهار هي قطعة أرض من اليابسة تملأ بالماء ويوضع بها الزريعة ويجدد الماء كل فترة ضماناً لوجود الأكسجين ويقدم الطعام إلى الأسماك بصفة دائمة.
تربية الأسماك في مصر
– بالنسبة لمصر بدأ بها تربية الأسماك منذ عشرينات القرن العشرين.
– أشرف على ذلك معهد الأحياء المائية بالإسكندرية حيث قام بنقل زريعة البلطي إلى مياه العيون والمصارف بواحة سيوه، وامتلأت بالأسماك.
تربية الأسماك في المنازل
– من المجالات الجديدة لتربية الأسماك والتي ظهرت مؤخرا تربية الأسماك للاستثمار في المنازل وليس للزينة.
– فإذا كان الكثيرون يقبلون على تربية الأسماك في أحواض بالمنازل من أجل الشكل الجمالي فإن الجديد أن الهدف سيكون لإمداد الأسرة بحاجتها من الأسماك بطريقة ميسرة واقتصادية.
– فقد بدأت هذه التجربة في القاهرة تحت إشراف معمل المناخ المركزي التابع لمركز البحوث الزراعية بالدقي قرب وزارة الزراعة.
– تقوم الفكرة على زراعة أسطح المنازل بالحشيش والجرجير والسبانخ والفراولة وغيرها.
– ويتم استخدام نفس المعدات المستخدمة في زراعة الخضراوات في استزراع السمك البلطي وسد حاجة الأسرة منه ذاتياً بواقع إنتاج 24 كيلو من السمك كل سبعة أشهر بجانب الحصول على الإنتاج الزراعي.
– يتم تربية السمك في حوض المحلول المائي الذي يستخدم في ري الخضراوات لتحل مخلفات السمك محل السماد الكيمائي الذي يضاف لتغذية النباتات.
– يقوم معمل المناخ المركزي بتقديم معدات زراعة الخضراوات والسمك ولوازمها من البذور والزريعة السمكية. فتظل تخدم المشروع عشرات السنين وتمد صاحبه بحاجته ذاتياً من السمك والخضراوات والفواكه المنتجة في ظل زراعة نظيفة دون مواد كيماوية.
– يمكن تطبيق هذا المشروع فوق أسطح المنازل وأيضاً في شرفة المنزل (البلكونة) بشرط أن تكون مساحتها ثمانية أمتار مربعة وتدخلها الشمس لمدة أربع ساعات يومياً.
المزارع السمكية
– أدرك الإنسان حجم المسطحات المائية الهائلة ولذلك فكر في الاستفادة من هذه المساحات الشاسعة بالاستزراع.
– وطبعاً يزرع الماء بالسمك لذلك ظهرت فكرة المزارع السمكية منذ عصور قديمة.
– فقام الصينيون بزراعة الأسماك في البحار منذ نحو أربعة آلاف عام فكانوا أول البشر الذين ساروا في طريقة زراعة البحر.
– وقد نقل الرومان هذه الفكرة في أوروبا حيث كانوا أول من أدخل زراعة السمك في أوروبا. وكان ذلك في القرن الثالث قبل الميلاد.
– وفي العصور الحديثة تعتبر التجربة اليابانية في الزراعة المائية من أكبر التجارب وأكثرها أهمية. حيث إن إنتاج الزراعة المائية بالسمك في اليابان تمثل نحو 7٪ من الإنتاج الكلي لمصايد اليابان السمكية.
– وتوصلت ألمانيا إلى رفع معدل الإنتاج في مزارعها السمكية إلى أعلى معدل إنتاج في العالم إذ وصل هناك إلى نحو 242 كيلو جرام لكل هكتار بينما وصل إنتاج المصايد العادية إلى نحو 21 كيلو جرام.
– والمعروف أن المعدل العالمي لإنتاج المصايد يتراوح بين 42 كيلو جرام و 210 كيلو جرام في العام. بينما معدل الإنتاج المصري لا يتعدى 10 كيلو جرامات في العام.
سمك المبروك
– يعتبر سمك المبروك أكثر الأسماك التي تقوم المزارع السمكية بتربيتها.
– وقد كان أهل الصين هم أول من بدأ استزراع سمك المبروك وكان ذلك منذ نحو 2400 عام.
– ثم انتشرت زراعته في اليابان منذ 1900 سنة. حيث كانوا يقومون بزراعته في مزارع الأرز لكن تأثر إنتاجه بسبب دخول المبيدات الحشرية إلى ميدان الزراعة. فنقلوا زراعته إلى مجال آخر هو برك الري وبرك المياه الجارية وأعدوا تقفصات خاصة لتربيته.
– كما صمموا مزارع سمكية هائلة لهذا الغرض حيث يتم تزويد مياهها بتيار مستمر من الهواء ونظام متكامل من التغذية الإضافية. وتحشد في المزرعة إصبعيات السمك أو الزريعة التي تزن الواحدة ما بين 40 إلى 100 جرام ويكون ذلك في فصل الربيع. وتمتد عملية الاستزراع إلى فصل الخريف ويكون معدل وزن السمكة في نهاية المدة 800 جرام.
– ابتكر العلماء في ماليزيا مزارع صغيرة لتربية الأسماك في محيط الأسرة عبارة عن أقفاص عائمة يمكن للفرد أن يضعها في أقرب مسطح مائي للأسر.
– كما تقوم هذه المزرعة الصغيرة بتزويد الأسرة بحاجتها من الأسماك الطازجة.
المزارع السمكية في مصر
– قد تنبهت مصر إلى عملية استزراع الأسماك كي ترفع إنتاجها المتدني من الأسماك قياساً على مستوى الإنتاج العالمي.
– كان ذلك بداية في قرية العباسة – محافظة الشرقية حيث توجد هناك بركة مساحتها نحو 1200 فدان.
– حيث أشرف على المشروع المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد.
– قد نجح هذا المشروع مما أدت إلى إقامة مزارع سمكية أخرى متعددة في ربوع مصر.
– المراجع: من عجائب الخلق في عالم الأسماك – المؤلف/ محمد اسماعيل جاويش – الدار الذهبية – مصر – 2005