القدرة على الطيران عند الطيور
– قدرة الطيور على الطيران أمر لفت نظر الإنسان منذ الأزل، فهي تقدر على ما لا يقدر عليه، وتستطيع ما لا يستطيعه. رغم ما يتميز الإنسان به عليها وعلى سائر المخلوقات.
– ولكم تأمل الإنسان الطيور سابحة في الفضاء متنقلة في الأجواء وكم دهش لذلك وتعجب، بل كم تمنى أن يقدر على ما قدرت عليه الطيور.
– بل وقد حاول فعلاً أن يقلدها فيطير، حيث يحكى لنا التاريخ ما حاوله عباس ابن فرناس وعجز بل وسقط محطماً.
– وظلت محاولات الإنسان قائمة إلى أن جاء اليوم الذي استطاع أن يحلق في الفضاء مقلداً للطيور بل ومتعلماً منها.
– ولعلم الله عز وجل بما في نفوس البشر وعلمه بأنهم يتعجبون لذلك ويتحيرون نبههم إلى أن هذا من مظاهر قدرته فخاطبهم مذكراً وداعياً إلى الإيمان بربوبيته بقوله تعالى: ألم يروا إلَى الطَّيْر مُسَخَّرات في جو السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ في ذلك لآيات لقوم يؤمِنونَ) (النحل آية (79).
– ولقد ظل الإنسان يتأمل الطير إلى أن توصل إلى فهم الأسباب التي تمكن الطير من أن يطير، حيث تعرف على الحقائق الآتية:
الإمكانيات التي ساعدت الطيور على الطيران
(1) لاحظ الإنسان أن شكل الطير المسحوب (الانسيابي) يجعله قادراً على اختراق الهواء بأقل مقاومة.
(2) وأن عظامه خفيفة ومسامية ومنها ما يملؤه الهواء.
(3) ومما ساعد على خفة وزنه لا توجد له مثانة يتجمع فيها البول. ولذلك فالبراز والبول لهما مخرج واحد وهذا أمر يخفف وزن الطائر.
(4) الرجلان الأماميتان تحولتا إلى جناحين وهذا يمكنه من الطيران. كما يمكنه من تغيير اتجاهه بسهولة بواسطة الذيل.
(5) صدر الطائر يمكنه من الطيران إذ يوجد به عضل متين ومتسع کي يساعده على مواجهة الهواء والطيران. كما أن الرئتين متسعتان متصلتان بأكياس هوائية تمتد في الصدر والبطن.
(6) هيكل الطير بصفة عامة يجعله خفيف الوزن إذ اختصر منه بعض الأجزاء والتحم بعض عظامها ببعض وتحول معظمها إلى أنابيب رقيقة وجوفاء وصفرت روسها وخلت من الأسنان ولا يوجد للأذنين صوانان.
(7) الريش يسهم كثيراً في قدرة الطيور على الطيران فهو مكيف تكيفاً رائعاً يمكنه من ترويح الهواء وتخفيف كثافة الجسم، وعزل الجسم عن الجو وهو ذو مرونة عظيمة إذ يسهل عليه الالتواء والانثناء حسب حاجة الطائر في طيرانه.
– كما أن توزيعه يهذب زوايا الجسم البارزة ويسهم في انسيابية الجسم مما يقلل من مقاومة الهواء.
(8) الخصائص الوظيفية للطيور تساعده على الطيران فهي أقدر على هضم الطعام، ودمه ضغطه أعلى. ونسبة السكر فيه أكثر، ودرجة حرارتها أعلى (38) إلى (40) سلزيوس.
(9) الجهاز التنفسي أكفأ مما يسهل تبريد أجسامها عند الطيران ويمكن الطير من الحصول على كمية من الأكسجين اللازمة لطيرانه، وأيضاً من خلال التنفس يتم ضبط درجة حرارته التي ترتفع بسبب مجهود الطيران والتى لا يمكن ضبطها بفرز كمية عرق كغيره من الكائنات لأن الطير ليس له غدد للعرق تخفض الحرارة عن طريق الجل.
(10) الطائر قلبه كبير وقوى كي يمكن الدم من أن تكتمل دورته. وهذا القلب قد تبلغ دقاته نحو 600 دقة في الدقيقة، وفى بعضها قد يصل إلى ألف ضرية.
(11) عيون الطائر قد حماها الله أثناء الطيران من مواجهة الهواء والعواصف فهى تغطيها ثلاثة جفون.
– وبصفة عامة أدرك الإنسان أن الله قد هيا الطيور لتعيش في مملكتها الواسعة الممتدة التى تشمل الفضاء الكبير وكون الله الفسيح.
كيف تطير الطيور؟
– مثلما يرتكز السمك بزعانفه على الماء يرتكز الطائر على الهواء بحركة سريعة.
– وبهذه الطريقة يستطيع الطائر أن يرتفع في الهواء إضافة إلى استعانته بانفراج ريشه.
– وعند بدء الطيران يضرب الطائر الهواء بجناحيه فيحدث منطقة ضغط ومنطقة تخلخل فتولد مقاومة الهواء.
– وينتج عن ذلك قوتان إحداهما قوة الدفع والحمل التي تسمح للطائر بالارتفاع والثانية قوة السحب التى تجعله يتحرك.
– أي تصبح هناك قوتان القوة الحاملة والقوة الساحبة.
فنون الطيران
– إذا كنا قد تكلمنا عن الظروف التي هيأت للطيور القدرة على الطيران فإنه من المفيد أن نشير إلى أن مشاهدتها وهي تطير وملاحظتها في ذلك يقودنا إلى أن نتعرف على ألوان وفنون من هذا الطيران تثير الانتباه كما تثير العجب.
– ونشير إلى ألوان الطيران منها على النحو التالي:
الدفيف
يعنى أن يطير الطائر يخفق جناحيه خفقاً مستمراً.
الصف
يعنى أن يطير مع تثبيت جناحيه أو بسطها دون حراك فيمضي في الهواء بجناحين ساكنين.
الانزلاق
– وهو من الصف بأن يترك الطائر نفسه يهوى من مكان مرتفع
– وقد يكون الانزلاق عمودياً بأن يقبض جناحيه ويظل في هبوط سريع إلى أن يقترب من المهبط سواء كانت الأرض أم شجرة أم غيرها، فإنه يبسط جناحيه كى يخفف من سرعة هبوطه حتى لا يحدث له ارتطام.
– أما إذا انزلق أو هبط وكان يريد أن يندفع إلى الأمام فإنه يبسط جناحيه كى يبحر فى الهواء مسافة قد تصل إلى مئات الأمتار.
– قد يكون الصف ارتفاعاً وليس انزلاقاً أى يرتفع مع تثبيت جناحيه.
– والطائر في هذه الحالة يستعين بالظواهر الجوية بفن واقتدار. ذلك أنه يركب تيارات الهواء الصاعدة التى تنشأ نتيجة سخونة بقاع معينة من الأرض تكون أميل إلى امتصاص أشعة الشمس. فتنتقل الحرارة من الأرض إلى الهواء الذى يجاورها. فيصع هذا بدوره لخفته وتمدده وانخفاض كثافته فتهتدى إليه الطيور عندما ترى أحدها مصعداً إلى أعلى صافاً جناحيه. فتتكاثر الطيور فى المنطقة التى يوجد بها تيار الهواء الصاعد في الفضاء.
– الطيور الصافة تتحكم في توجيه حركتها بأن ترفع جناحيها أو تخفضهما أو تدفعهما إلى الأمام أو إلى الخلف أو تقلل من مساحتهما بقبضهما قبضاً يسيراً أو تديرهما من مفصل الكتف ليقابلا الهواء بزوايا مختلفة بلوى أجزاء منهما، وكذلك يستعين الطائر بالذيل كما استعان بالجناحين فيحركه بالصورة المناسبة فيتحكم في سيره واتجاهه.
– هذا فضلاً عن أنها تتكون لديها أوتار قوية تتصل بالجناحين كي يمكن أن يبسطهما الطائر فترات طويلة دون جهد.
– كما تتميز هذه الطيور التى تكثر من الصف بطول الجناحين واتساع سطحهما ليكونا كالشراع أمام الهواء.
السفيف
– هو الطيران المنخفض قريباً من أسطح البيوت أو الأشجار.
– وفى هذه الحالة فإن الطائر يحرك جناحيه حركة محدودة كي يأمن الارتطام بما تحته، وذلك بأن يثبت نصف الجناح الداخلى ويحرك نصفه الخارجي.
المحاورة والمداورة
– المحاورة والمداورة من وسائل الطيور لحماية نفسها أو لاقتناص فرائسها.
– الطيور التى تجيد ذلك مزودة بجناحين قصيرين كي تقدر على تحريكهما سريعاً متلاحقاً.
– لذلك نرى بعض الطيور وبخاصة الجارحة تستطيع أن تغير اتجاهها بسرعة، بل تستطيع أن تغير نوع التصعيد إلى الانخفاض أو العكس في لمحة خاطفة.
– ونجد الطيور الخائضة التي تكثر من الخوض فى الماء نجدها مزودة بأجنحة كبيرة وثقيلة كي تتمكن من الهبوط ببطء ورفق حتى لا تتعرض أرجلها الطوال إلى الكسر.
– هكذا نرى أن الطيور لا تطير فقط بل لها في ذلك ألوان وفنون.