الجمل رمز للصبر
– أصبح الجمل رمزاً للصبر، فهو يصبر على العطش، ويصبر على الجوع ويصبر على الحر، ويصبر على السير في الصحراء ورمالها، ويصبر على حمل الأثقال والسير بها لمسافات بعيدة في أصعب الظروف.
– في الواقع لقد خلق الجمل للصحراء القاسية، فخفف من قسوتها وأعان ساكنيها على العيش فيها.
– يقرر العلماء أن الجمل استخدم لأول مرة عام (1100 ق م) بعد أن اكتشف الإنسان طاقات الجمل الكثيرة.
– هذا الاكتشاف الذي أدى إلى الضرب في الصحراء والإقامة في عمقها.
– لقد أحسن العرب صنعاً حين سموا الناقة (نعما) لكثرة النعم التي تقدمها للإنسان.
– بل ساوى العربي بينها وبين نفسه فيقول شاعرهم: (فديتك نفسي وناقتي).
– لإحساس العربي بجميل الناقة كان إذا جاءه خير أو عوفي من مرض أو وصل سالماً كان يقول: (ناقتي سائمة) أي لا تعمل ولا تمنع من طعام ولا كلأ.
الجمل سفينة الصحراء
– ولما يتميز به الجمل من قدرات صار الحيوان المناسب للصحراء عبر تاريخ الإنسان.
– لا يستطيع سكان الصحراء الحياة بدونه واتخذوه وسيلة لانتقالهم.
– له القدرة على أكل نباتات الصحراء الشائكة، لأن شفراته ذات جلد غليظ ومشقوقة حتى لا يؤذيها الشوك، وأسنانه القوية، ومقدرته على أكل الأعشاب التي تنفر منها الأغنام
– كذلك أقدامه لها وسائد من اللحم فلا تغوص في الرمال وتحميه من سخونة رمال الصحراء، ولذلك فهو يستطيع أن يقطع الصحراء مكتفياَ بالطعام القليل والماء القليل.
– وإذا ما هبت العواصف فإن له ستارة على قزحية العين تحميه وتساعده على اتقاء العواصف والأتربة.
– أما خياشيمه المشقوقة فتجعله قادراً على إغلاقها أثناء العواصف الرملية ولتساعده على أكل الشوك.
– بينما تحمله لحرارة الصحراء فراجع إلى أن درجة حرارته (40) درجة فيقل عرقه، ويحتفظ بماء جسمه.
– أما قدرته على حمل الأثقال فلا ينافسه فيها منافس، إذ يستطيع أن يحمل ما يعادل (300) كيلو جرام، ويستطيع أن يقطع المسافات الطويلة بسرعة تزيد على ثلاثة أمثال السرعة التي يقطعها بها الجواد.
– وإذا حمل حملاً ثقيلاً فإنه يسير بسرعة (30) ميلاً في اليوم، أما إذا كان فوقه راكبه فقط فإنه يستطيع أن يسير نحو مائة ميل في اليوم.
– الطريف أن كل ما خلقه الله يحمل واقفاً إلا الجمل فإنه يحمل باركا ثم ينهض.
– لذلك لم يكن ممكناً قطع الصحراء المهلكة إلا بالجمل، فسموه سفينة الصحراء، فشبهوه بالسفينة التي تعوم فتقطع البحار،
– والطريف أن كل المخلوقات تسبح ما عدا الجمل رغم أن اسمه سفينة.
– والطريف أيضاً أن راكب الجمل يهتز لاهتزاز جسم الجمل، فيصاب راكبه بدوار يشبه الدوار الذي يصاب به راكب السفينة دوار البحر، ولذا فنحن لا نتعجب إذا سموه سفينة الصحراء.
خلق الجمل للصحراء
– يتميز الجمل بالضخامة مع القوة حتى يستطيع أن يتحمل ظروف الصحراء.
– جسمه مغطى بالوبر الذي يحفظه من الحر والزوابع الرملية.
– أنفه يمكن له أن يغلقه في مواجهة العواصف والأتربة.
– عيناه لها رموش كبيرة كستارة حامية لها من الرمال.
– أقدامه لها وسائد من اللحم، فلا تغوص في الرمال، وتحميه من سخونتها.
– شفراته جلدها غليظ لا تتأذى من نباتات الصحراء الشوكية.
– سنامه يقدر أن يخزن بها الطعام الزائد عن حاجته، يعني يختزن الطاقة
– شحماً في سنامه، كما يختزن الماء في أجزاء جسمه للاستفادة بها عند الحاجة.
– رقبته الطويلة تمكنه من أن يأكل وهو واقف نباتات الصحراء القصيرة.
– درجة حرارته (40) درجة يتحمل بها درجة حرارة الصحراء ويقل عرقه ليحتفظ بماء جسمه.
– ارتفاع أقدامه تمكنه من قطع الصحراء الواسعة بسرعة.
– كلاكله التي على بطنه، وخف أقدامه، وسيقانه لها قدرة على اختزان الماء.
– كرات الدم الخاصة به تختلف عن كرات الدم لدى كل الكائنات التي تصاب بالغرق فتموت إذا شربت ماء كثيراً لانفجار كرات الدم البيضاء، أما الجمل فإن كرات الدم لديه تتمدد ولا تنفجر، وهذا ما سوغ للعرب أن يعطشوا الجمال قبل السفر، ثم يعرضونها على الماء فتشرب كثيراً دون خوف عليها.
– أنف الجمل ذات طبيعة خاصة، تجعله قادرا على الاحتفاظ بالماء داخل جسمه.
أنف الجمل
– يقول العالم (كنوت شميدت نيلسون) من جامعة ديوك (إن الفضل في احتفاظ الجمل بالماء عن طريق التنفس ومقاومته للعرق راجع إلى أنفه).
– إن بطانة أنف الجمل الداخلية مجمدة، ولذلك فمساحتها واسعة.
– تستطيع أن تمتص رطوبة النفس الخارج، فتمنع خروج الماء الزائد الذي يحمله ذلك الهواء الخارج.
– أي أن الجمل هو الحيوان الوحيد الذي يستعيد الماء الموجود في تنفسه.
– كذلك تستطيع هذه التجعيدات أن تخفض حرارة أنفاس الجمل أثناء الليل حوالي (8) درجات مئوية تحت مستوى حرارة جسمه، بذلك يحتفظ الجمل بالماء لأن الهواء البارد أقل رطوبة من الهواء الدافئ.
الجمل يتحكم في درجة حرارته
– ويقول أيضاً: إن نسبة الماء الذي يستطيع الجمل الاحتفاظ به بهذه الطريقة يقدر بـ (70٪) مما يحمله الهواء الخارج من الماء.
– من أجل أن يحتفظ الجمل بالماء في جسمه في مواجهة حر الصحراء فإنه يعمل على رفع حرارة جسمه إلى نحو (40) درجة قبل البدء في الإبتراد بواسطة العرق.
– ثم يقوم بخفض حرارته في الليل إلى (34) درجة، بحيث يصعب أن ترتفع حرارته حتى يعرق في اليوم التالي، وهذا يحفظ له الماء في دمه.
– هذا مما يجعل الجمل يختلف عن الإنسان الذي يفقد الماء من الدم إذا عطش فيتكثف الدم ويخف سيلانه، فيضطر القلب إلى العمل بجهد أكبر، وتنتقل الحرارة الداخلية إلى جلد الإنسان مما يؤدى إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى درجة قاتلة.
– بينما يحتفظ الجمل بحجم دمه رغم فقده الماء، إذ أن الجمل يمكن أن يفقد الماء من أجزاء جسمه إلا دمه، ويمكن أن يفقد (30) من وزنه، ثم يستعيد وزنه الطبيعي خلال دقائق بعد أن يروى عطشه.
معرفة الطريق
– إذا كانت الحمير والخيول تتمتع بحاسة قوية في الاسترشاد نحو الاتجاه وتعرف طريقها، فإن الجمال لا تتمتع بهذه الحاسة.
– لذلك فإن الجمل الذي يتأخر عن القطيع ليرعى يفشل في أغلب الأحوال في الاهتداء إلى باقي القطيع، ويظل يدور ويدور حتى يسقط
– إن كان هناك نوع من الجمال إذا تخلف أحدها عن القطيع أو ضل الطريق فإنه يتجه رأساً إلى مسقط رأسه.
أعمار الجمال وتكاثرها
– الجمل من الحيوانات المعمرة، إذ قد يمتد به العمر إلى (40) عاماً.
– الناقة تلد في عمر يتراوح بين الرابعة والخامسة وتعطى إنتاجاً لمدة (12) عاماً.
– فترة الحمل لديها (375) يوماً، والفترة بين الولادتين (730) يوماً.
خصائص وفوائد ألبان الإبل
– يتميز حليب الإبل أنه له طعم حلو مائل إلى الملوحة، وله لون ناصع وقوام خفيف.
– يتميز أيضاً أن قيمته الغذائية تفوق القيمة الغذائية لدى حليب الأبقار والماعز، لأنه يحتوي على كميات وفيرة من فيتامين (ج) ونسبة عالية من البروتين.
– يحتوي على نسبة عالية من فيتامين (ث – ۲) حيث تبلغ نسبتها ثلاثة أضعاف مثيلتها في حليب الجاموس.
– هذا في الوقت الذي يتميز بتضاؤل الدهون فيه وذلك تقدير الله الرحيم بعباده إذ أن سكان الصحراء ليسوا بحاجة إلى نسبة عالية من الدهون بينما هم يحتاجون إلى الفيتامينات والبروتين وارتفاع نسبتها في ألبان الإبل يعوض سكان الصحراء حيث يقل توافر الخضر والفواكه بها.
الحليب يعيش أطول
– يتميز حليب الإبل أيضاً بإمكانية حفظه في حالة طازجة، وسبب ذلك وجود مركبات ذات طبيعة بروتينية مضادة للتخثر والتسمم والجراثيم تعرقل نشاط وتكاثر الأحياء الدقيقة التي تسبب التخثر والتسمم.
– حيث أثبتت التجارب في بعض بلدان إفريقيا الصحراوية قيام أصحاب الإبل بالاحتفاظ بحليب النوق في درجة حرارة عادية مدة تصل إلى 30 يوماً.
– هذا من لطف الله بهذه البلاد التي يندر أن يتواجد بها وسائل الحفظ الحديثة فيمنح طعامهم الرئيسي القدرة على البقاء أطول مدة مقاوماً للجراثيم وعوامل الفساد.
كمية الحليب
– هذا من ناحية الكيف، أما من ناحية الكم فإن كميات الحليب التي تعطيها الناقة تختلف باختلاف المكان والتغذية والعمر والنوع.
– إلا أن الثابت أنها أعلى من معدلات ما تجود به الأبقار والأغنام، إذ أنها تتراوح بين (10) و (20) كيلو جراماً في اليوم الواحد.
حليب الناقة غذاء ودواء
– لقد ثبت أن حليب الناقة غذاء ودواء إذ إنه يشفى من أمراض الكبد مثل مرض الصفار (jaundice)، وفقر الدم والسل ومرض الشيخوخة.
– كما يستخدم كمسهل للأشخاص الذين لم يعتادوا تناوله.
نسبة عالية من الماء
– يتميز حليب النوق بارتفاع نسبة الماء فيه لا سيما الإبل العطشى وذلك خلال موسم الجفاف ذلك من رحمة الله بالإنسان لأنه يحتاج ـ لا سيما المواليد الصفار – إلى كميات كبيرة من المياه للحفاظ على حياتها.
لحوم الإبل
– لحوم الإبل لها خاصية طيبة، وتتناسب تماماً مع سكان الصحراء وحاجاتهم من التغذية.
– إذ أن البروتين يمثل (%74) من حجم الذبيحة، بينما تتراوح نسبة الدهون بين (2 إلى 5%).
– هذا أيضاً أحد مظاهر رحمة الله بالعباد فسكان الصحراء يحتاجون أكثر ما يحتاجون إلى البروتين ويستغنون أكثر ما يستغنون عن الدهون.
– متوسط وزن الذبيحة حوالي (400) كيلو جرام منها لحم أحمر حوالي (66%) من جملة هذه الكمية.
أوبار الجمال
– ينتج الجمل حوالي (2) كيلو جرام من الوبر الذي يستخدم في صنع بعض أنواع الأغطية وأقمشة الملابس والسجاد.
– أيضاً يستخدم وبر الجمال كعازل لإطارات وأبواب الثلاجات.
إنتاج الناقة
– العمر الإنتاجي للناقة يمتد إلى (25) سنة.
– تنتج حوالي (12) حوارا خلال هذه المدة، يصحبها (12) موسم حلب طول الموسم ما بين (10) إلى (18) شهراً.
– كما تستطيع الناقة أن تلد ولادتين كل (3) سنوات.
أخلاق الجمال
– الجمال ذات أخلاق فريدة في عالم الحيوان.
– إذ إن من صفات الجمال المعنوية إنه سهل الانقياد والاستئناس.
– يحمل صفات الألفة والصحبة والحنين إلى الوطن والصبر والطاعة.
– من الصفات الجسدية أنه قادر على تحمل الظروف المناخية، ولذلك هو قادر على مقاومة كثير من الأمراض التي تتعرض لها الحيوانات الأخرى، وكأن هذه الخاصية ثواب له على صفاته المعنوية، ومكافأة أيضاً لأصحابه من سكان الصحراء وعون لهم على تحمل مشقات الحياة.
الجمل والرياضة
– يقام سباق رياضي للجمال اسمه (سباق الهجن) في دول شبه الجزيرة العربية.
– إذا كان سباق الخيل مداه عادة (3) كيلو مترات تقريباً فإن سباق الإبل يصل إلى (25) كيلو متراً.
– الناقة المتسابقة عمرها يبدأ من (3) سنوات، ولا تحمل ويعمل لها نوع من الرجيم قبل السباق بأسبوع، وإذا كان السباق عصراً تأكل فجراً.
– ويمكن لها أن تشترك في سباق آخر بعد أسبوع، ويصل ثمن ناقة السباق مبلغ هائل.
الجمال تتعارف
– المعروف أن الجمل يشعر من مسافة بعيدة.
– لقد ثبت أن ذلك راجع إلى حاسة الشم عند الجمال، إذ يشم الجمل الجمال الأخرى من بعد يقدر بأحد عشر ميلاً تقريباً.
الجمل في لغتنا
– يوجد الكثير من المفردات للجمل وهي كما يلي:
- الجمل: هو الكبير من الإبل.
- الناقة هي الأنثى من الإبل وجمعه نوق.
- الإبل: لفظ مؤنث ويطلق على الجمال والنوق.
- البعير: ما صلح للركوب.
- الجزور: ما يصلح للذبح من الإبل.
- القعود: هو الجمل الفتى
- القلوص: هي الناقة الفتية
- الشارف هي الناقة المسنة.
الجمل في اللغات الأوروبية
– يبدو أن اللغات الأوروبية أطلقت على الجمل اسمه اقتباساً من العربية، ويبدو ذلك من التعرف على اسمه في بعض هذه اللغات كما يلي:
- اليونانية: كامليوس camelos
- الإنجليزية: كامل camel
- الفرنسية: شامو chameau
- الأسبانية: كاميللو camello
- الإيطالية: كاميللو cammello
- الألمانية: كامل kamel
- اللاتينية: كاميلس camelus